يوطد الحكم الديكتاتوري حكمه من خلال بناء حلقات من المنتفعين المرتبطين به، هؤلاء الذين لولا وجود الديكتاتور لما وصلوا للسلطة ولا جمعوا الثروة..
وتقوم المؤسسات كهياكل لازمة لادارة الدولة ولكنها تكون مؤسسات ضعيفة لانها تستخدم ادوات للانتفاع ومواقع يجب ان يشغلها الموالون.. ليستفيدوا ويدعموا اساس الحكم ويرتبطوا وجوديا به..
لمشاهدة التقرير على اليوتيوب .. اضغط هنا
يطلق يد هؤلاء بجني المكاسب باي طريقة ممكنة عموما، سلبطة، نهب، سرقة، اتاوات، ابتزاز..
في حالة الاستقرار واستتباب الحكم للديكتاتور تكون الامور بحدود معينة مضبوطة الى حد ما، يوجد تفاهم بين افراد المجتمع وبين السلطة وازلامها بهوامش محددة نوعا ما..
ولكن في حالة اللاستقرار والانهيار لا يوجد ضبط ولا حدود والجميع يحاول التمدد وتحصيل المزيد من المكاسب لانه لا احد يعرف ما سيكون في اليوم التالي..
التمادي كان يحصل في الماضي، وكان وقتها يتدخل حافظ الاسد او باسل الاسد اذا كنتم تذكرون قام باكثر من حملة على الاقارب والشبيحة في الساحل.. قد يسجل بعضكم هذا له ولكن الحقيقة هذا اضعاف للدولة بكل الاحوال..
ما يهم ما هو الحال اليوم..
الحقيقة بان الابتزاز والاتاوات يتم ممارستها على اوسع نطاق.. اليوم المواطن السوري يتم ابتزازه ان كان فقيرا او ثريا..
ابتداءا من الحواجز وانتهاءا بلصق التهم والملاحقة ودفع المعلوم لتفادي مصير اسود بالسجن لسنوات طويلة..
سأتحدث كمثال على تطبيق القانون الخاص بتداول العملات الاجنبية..
منع القانون 3 عام 2020 بالتعامل بغير الليرة السورية..
وطبعا لاسباب كثيرة لست بوارد ذكرها هنا من غير الممكن ان يتم تطبيق هذا القانون او الالتزام به.. خاصة في مثل الظروف التي نمر بها..
سيخالف الاف السوريين القانون، وهنا يفتح باب رزق للكثيرين في هذه الظروف..
وفتحت ابواب الدكاكين مثل الفرع الداخلي والقصر الجمهوري..
اي وشاية يمكن ان تحطم اي تاجر او صاحب مال اليوم في سوريا..
واصبح هناك سوق للترصد والوشاية مقابل الحصول على حصص او التخلص من الخصوم والمنافسين.. يكفي معلومة بسيطة تصل الى جهة وصائية ان تكون كفيلة بخربان بيت صاحبها بشكل كامل..
طبعا لا احد من هؤلاء التجار او اصحاب المال يحكم.. في اي مرحلة من مراحل التقاضي يمكن ان يدفع المعلوم وتتكفل الجهة المختصة او من على رأسها بانهاء القضية..
طبعا لا احد يستطيع ان يوقف مثل هذه الممارسات الا رأس السلطة، هذا اذا اراد.. وهذا الحقيقة في غير مصلحته.. تخيلوا ان الضباط والمسؤولين في القيادات المختلفة الجيش والمخابرات والمليشيات يقومون بما يقومون به من اعمال قذرة لحماية النظام مقابل 30 دولار في الشهر..
يجب توفير بيئة عمل لهم ليكون مدخولهم عال بحيث يمكن ان يدافعوا عن مواقعهم بارواحهم.. ومن وضعهم في هذه المواقع ايضا يفدونه بالروح والدم..
لذلك ليس هناك الا الرئيس الذي يستطيع لجمهم.. ولكن في حالات محدودة يكون فيه الضرر اكبر من المكسب.. مكسب الولاء بالنسبة للرئيس.. ولكن لا يمكنه اطلاقا ان يكف ايدي هؤلاء لانهم ببساطة سيتخلوا عنه..
وعندما تكثر الشكاوى حول ثغرة يمر فيها الفساد على نطاق واسع ويصبح الامر على عينك يا تاجر.. يقومون "بتربية" الناس المتذمرة..
في الاشهر الماضية كان هناك مئات الشكاوى حول السيارات القادمة من لبنان والرشى والاتاوات التي يتم الاستحصال عليها..
جاءت الاوامر بالتشديد على عناصر الجمارك.. فوضعوا عناصر من الامن لمراقبة عناصر الجمارك..
ماذا كانت النتيجة.. بدأ عناصر الجمارك بتطبيق الاجراءات بشكل مبالغ فيه للغاية.. ينزلون الحقائب من السيارات ويفتشونها قطعة قطعة، جزادين النساء ومحافظ نقود الرجال.. تفتيش دقيق مهين وطويل..
يمكن ان يتم القبض على شخص معه ثلاثة ابواط رياضة او خمسة كنزات وهكذا..
الناس اليوم تقول "دخيللكم" خذوا ما تشاؤون فقط اوقفوا هذا..
سيعاود عناصر الجمارك ممارساتهم بعد ان "يتربى" المشتكون.. ويستمروا في عمليات النهب والتمرير.. (مرروا سيارات واليات ثقيلة) واجروا طرقات مفتوحة لساعات.. الخ.
للاسف كلما ضعف النظام واصبح بحاجة لجهود اضافية من قبل الملتفين حوله لاسناده سيزيد هؤلاء من الثمن الذي يقبضونه من المجتمع ولن يستطيع النظام ان يكف يدهم (وهو شريك في اعمالهم الكبرى) لان كف اليد يعني نهاية الولاء والتخلي والسقوط..